معركة 15 فبراير 1973 الجوية
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
إن هذه المعركة تجعل الفرد منا يحس بضاّله حجمه مقارنه بهؤلاء الابطال العظام و يجعلنا نتسأل ما الذي نستطيع ان نقدمه لديننا و لبلدنا لكي يعودوا كما كانوا، ففي البداية أو النهاية الطيار المنصوري رجل عادي مثلك انت ، و مثلي أنا لا يزيد عنا بشئ غير الايمان المطلق بالله و بمشيئته ، فعندما قابل طائرات العدو المتفوقه كما و كيفا و في كل شيء ممكن في ذلك ، الوقت لم يفكر الا في شئ واحد ونقلا عن لسانه اقوله مرة اخري
(( كنت أحافظ علي عذريه مصر من الاسرائيليين ، مش معقول يهود يخشوا يغتصبوا امي امامي و اقعد ساكت )) ساترك للقارئ تقدير تلك المقوله ومقارنتها بما يحدث الآن.
كتب هذا الموضوع بكل فخر :- احمد زايد – عمرو البنا
معركه لم اكن اعلم عنها شيئا حتي يوم الجمعه 19 ديسمبر 2008 ، معركه طويت احداثها سريعا بسبب توقيتها ، فهي قبل حرب اكتوبر بعشرة اشهر تقريبا ، وغطت احداث الحرب عليها سريعا.
أقسم بالله لمن يقرأ تلك السطور انني لم اكن لاصدق سرد تلك المعركه لولا انني سمعتها من فم اللواء طيار احمد كمال المنصوري وهو بطلها ، ربما يظن البعض سريعا ان الرجل يحاول تمجيد نفسه ، لكن الرجل ظل صامتا خمس وثلاثون عاما و عشر أشهر كاملين لا يتحدث و لا يمجد نفسه حتي وصلنا اليه لنحاول ان نبعث تلك المعركه مرة اخري من ظلمات التاريخ المصري الناصع و الذي حكم عليه بالقتل عمدا.
الجميل أن من دلنا علي هذا البطل الصامت هو قائده اللواء تميم فهمي قائد السرب 49 مقاتلات في حرب اكتوبر ، و عندما تحدثت مع اللواء تميم عن رغبتنا في نقل بطولته الي الورق لتعرفها الأجيال الحالية و القادمة رد علينا متهكما ((عايزين قصه بطل ؟ اسألوا عن الطيارين المصريين كلهم ، كلهم ابطال لكن ابدأوا مع المنصوري فقد قام باعمال يشيب لها شعر الطفل الرضيع )) لاحظ كلمه ابدؤوا.
أيعقل هذا في هذا الزمن الوقح ؟ هل مازال هناك انكار للذات و تقدير للبطولة من رجل لاخر تحت قيادته !؟
كان من الممكن ان ينسب اللواء تميم فهمي تلك البطولات لنفسه و ننشرها نحن ، و نحن لا نعلم الحقيقيه مثل ملايين اخرين ينسبون لانفسهم فضل و مكانه لا يستحقونها ، لكن الرد الصادق ارسلنا الي البطل الحقيقي في نظره , أرسلنا إلي اللواء احمد كمال المنصوري الذي قال عن قائده اللواء تميم فهمي أبيات من الشعر تقال الان لمن هم في اعلي المراكز فقط رغبه في كسب الود و انتهاز الفرص ، لكن الاثنين علي المعاش الان و ليس بينهم غير كل صداقه و ود و احترام و الأهم من ذلك زماله الحرب التي نحتاج مثلها أمصال و أمصال لكي يلقح بها الجيل الحالي ، قال في حقه انه كقائد سرب كان يطير مثلهم و يربط في الطائرة لساعات مثله مثل اصغر طيار عنده في السرب و يعلمهم كل ما يعرفه و ينقل إليهم خبراته ، مشاعر طيبه تكاد تندثر الان في مجتمعنا.
أما المقاتل الشرس احمد كمال المنصوري فحكاية من حكاوي الاساطير التي لو لم تكتب و تمجد الآن ربما تضيع في ادراج التاريخ المتخمه بأوراق و بطولات أخري مماثله, هذا الرجل أوصى بدفن وثائقه معه عندما يموت لانه لم يكن يعلم ان بمصر رجال و نساء شباب و أطفال يتعطشون لتلك البطولات كتعطش التائه في الصحراء لجرعه ماء.
فما هي وثائقه التي اكدت قصته و جعلته يلاحظ أن شعر رأسي وقف عندما اطلعت عليها، نعم شعر رأسي وقف بالفعل من الدهشه من الكنز الرابض امامي و أيضا احتراما و إجلالا و تقديرا و خشوعا لتسجيلات صوتيه من كابينه طائرته و بين برج المراقبة فيها سرد موثق و واضح لسير المعركة التي دامت ثلاث عشر دقيقه ، خشوع و تقدير للحظات يقاتل فيها اثنان من الطيارين المصريين اثني عشر طيارا اسرائيليا بمفردهم، لحظات فيها ثماني واربعون صاروخ اسرائيلي جو جو و أكثر من ثلاثون الف طلقه تواجه اربعه صواريخ مصريه و ربعمائه طلقه فقط و الأهم من ذلك لحظات ذٌلت فيها الفانتوم الاسرائيليه بطياريها الاعلي في العالم امام الميج المصري بطياريها الابطال .
كان الحديث ملتهبا بحماس هذا الرجل و الذي يفوق حماسا و حبا للوطن عن حب الابن لامه ، و بعد دقائق من الحوار فتحت موضوع كثيرون يعرفونه و غاضبين منه ألا و هو الفيلم الذي انتجته قناه متخصصه في القتال الجوي تحت اسم CRAZY EGYPTIAN PILOT و تم وضعه على موقع الانترنت YOUTUBE
و الذي يصور معركة جوية حدثت في شهر أكتوبر عام 73 بين طيار مصري و آخر إسرائيلي و قام الطيار المصري بمناورة جريئه جدا طبقا للوصف الاسرائيلي لكنها فشلت و مات الطيار في النهايه لتحسب انتصارا للطيار الاسرائيلي ، و إذ باللواء احمد كمال المنصوري يضحك بسخرية و يسألنا هل تودون مقابله الطيار المصري الذي شارك في تلك المعركه ؟؟؟ سؤال صدمه ما بعدها صدمه لنا.
فانا واحد من الذين انبهروا بدقه اخراج هذا الفيلم و عرضه علي موقع عالمي واسع الانتشار بالاضافه الي ان شهاده الطيار الاسرائيلي بجرأه الطيار المصري و كفاءته كانت عاليه لكن الطيار الاسرائيلي كان الافضل ولدت لدينا احساس بان القصه حقيقيه حتي النخاع, لكني وقعت فريسة لإعلام الصهيونية مرة أخري و تناولت السم في طبق الحلوي كعادة و العرب.
ضحك الرجل من انبهارنا بسؤاله و انطلقت أسئلتنا سريعا لكن خفف من سرعتنا بضحكه متواضعه قائلا
(( الطيار المجنون ده اللي في الفيلم اسمه حسن سالم الرافعي و هسمعك صوته بعد قليل ، و أنا كنت قائده في الاشتباك ده ، حسن طار معايا 52 طلعه عمليات في حرب اكتوبر 73 و مازال حي يرزق حتي الان ))
ثم استطرد غير مبالي بدهشتنا البالغه مما نسمعه (( المناورة دي احنا اخترعناها و تدربنا عليها كتير جدا جدا ، و نستخدمها لما يكون الموقف صعب ومش قادر تفلت من الطيار الاسرائيلي ، في الاشتباك ده يوم 24 اكتوبر 73 كنا فوق الثغرة و الطيارة اللي في الفيلم خذ بالك من المثلثات البرتقاليه اللي علي الجناح ، دي علامات جنوب افريقيا – المهم ان المناورة دي لها ثلاث نتائج محققه اولها ان الطيار الاسرائيلي يرشق في الارض او ان الطيار المصري يفلت من الطيار الاسرائيلي و يركب ذيله أو أن الطيار المصري يرشق في الارض ، لكن اللي الاسرائيليين لم يعرفوه اننا تعلمنا من الطيارين الباكستانيين في سوريا تكتيك الطيران بسرعه صفر وده هما فوجئوا بيه في حرب اكتوبر و عملنا بيه نتائج كويسه جدا جدا ، المناورة دي كنا مسمينها في السرب مناورة الموت و كنا متدربين عليها كويس جدا جدا لدرجه اننا كنا بنفذها ليلا يعني و الدنيا كحل و محدش شايف حاجه ، وحسن الرافعي عايش ويقدر يحكي لكم عليها بالتفصيل )) الرسالة واضحة وضوح الشمس فالمناورة مصريه و ليست مناورة يأس كما صورها لنا الفيلم و الطيار المصري حي يرزق و قد استمعت إلي صوته يصف تلك المعركه في تسجيل صوتي من عام 1973 و لم يمت كما صور الفيلم.
لقد استمعنا الي تسجيلات معركه 15 فبراير 1973 بكل دقه ومعها ترجمه لما يتعذر علينا فهمه من اللواء المنصوري ، و اعتقد انه من الواجب بل من الحتمي علينا ان ننقل تفاصيل ما سمعناه لك حتي لا تضيع تلك المعركه و سجلها و أسماء أبطالها في أدراج النسيان.
أتمني أن استطيع أن أقدم للإسلام و لمصر و لو مثقال ذرة من الانتماء الذي يملئ اللواء طيار احمد كمال المنصوري و هي قصه حقيقية 100% و صورها أيضا تخص اللواء المنصوري شخصيا.